مخترع ورجل أعمال أمريكي. اخترع العديد من الأجهزة التي كان لها أثرا كبيرا على البشرية حول العالم، مثل الفونوغراف وآلة التصوير السينمائي بالإضافة إلى المصباح الكهربائي المتوهج العملي الذي يدوم طويلا. أطلق عليه مراسل إحدى الصحف لقب "ساحر مينلو بارك" كونه أحد أوائل المخترعين الذين قاموا بتطبيق مبدأ الإنتاج الشامل والعمل الجماعي على نطاق واسع لعملية الاختراع، لذا كان يُعرف بأنه أول من أنشأ مختبرا للأبحاث الصناعية.[1]
يُعَد إديسون رابع مخترع أكثر إنتاجا في التاريخ، ويمتلك 1093 براءة اختراع أمريكية تحمل اسمه، فضلا عن العديد من براءات الاختراع في المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا. كان له الفضل في العديد من الاختراعات التي ساهمت في وسائل الاتصال الجماهيري وفي مجال الاتصالات على وجه الخصوص. شملت تلك الاختراعات مسجل الاقتراع الآلي والبطارية الكهربائية للسيارة والطاقة الكهربائية ومسجل الموسيقى والصور المتحركة.
كان عمله في هذه المجالات المتقدمة ثمرة عمله في وقت مبكر من مسيرته المهنية كمشغل للتلغراف. وضع إديسون نظام توليد القوة الكهربائية وتوزيعها على المنازل والشركات والمصانع مما أدى إلى تطور جوهري في عالم الصناعات الحديثة. تقع محطة توليد الطاقة الأولى التي أنشأها في شارع بيرل في مانهاتن، نيويورك.[2]
ولد توماس إديسون في مدينة ميلان بولاية أوهايو الأمريكية، ثم ترعرع بمدينة بورت هورون بولاية ميشيغان وهو من أصول هولندية. كان الابن السابع والأخير لصمويل إديسون (1804-1896) ونانسي ماثيوز إليوت (1810-1871).[3]
اضطر والده إلى الهرب من كندا بسبب مشاركته في ثورة ماكنزي الفاشلة سنة 1837.[4]
كان إديسون الشاب شريد الذهن في كثير من الأحيان بالمدرسة، حيث وصفه أستاذه بأنه "فاسد". أنهى إديسون ثلاثة أشهر من الدراسة الرسمية. يذكر إديسون في وقت لاحق، "والدتي هي من صنعتني، لقد كانت واثقة بي؛ حينها شعرت بأن لحياتي هدف، وشخص لا يمكنني خذلانه." كانت والدته تقوم بتدريسه في المنزل.[5] وأسهمت قراءته لكتب باركر العلمية مدرسة في الفلسفة الطبيعية كثيرا في تعليمه.
عانى إديسون من مشاكل في السمع في سن مبكرة. وكان يعزى سبب الصمم له لنوبات متكررة من إصابته بالحمى القرمزية خلال مرحلة الطفولة دون تلقيه علاج لالتهابات الأذن الوسطى. خلال منتصف حياته المهنية، قيل أن ضعف سمع إديسون كان بسبب ضرب عامل القطار له على أذنيه بعد اشتعال النيران بمختبره الكيميائي في عربة نقل وألقي به إلى جانب جهازه والمواد الكيميائية من القطار في بلدة كيمبل بولاية ميشيغان. في السنوات الأخيرة من حياته، عدَل إديسون القصة فقال أن الحادثة وقعت عندما قام عامل القطار بمساعدته على ركوب القطار برفعه من أذنيه.[6][7]
انتقلت عائلة إديسون لبورت هورون بولاية ميشيغان في عام 1854 بعد تدني مستوى العمل، وحياته هناك كانت حلوة ومرة.[8] باع الحلوى والصحف في قطارات تعمل من بورت هورون إلى ديترويت، كما باع الخضار لتعزيز دخله. يذكر أيضا أنه درس التحليل النوعي وقام بإجراء التجارب الكيميائية في القطار إلى أن وقعت حادثة حظرت القيام بمزيد من تلك الأعمال.
نشاته
حصل إديسون على الحق الحصري لبيع الصحف على الطريق بالتعاون مع أربعة مساعدين حيث أطلق نشرة أسبوعية أسماها (Grand Trunk Herald). انطلق إديسون من هذا العمل إلى العديد من المشاريع الريادية، كما اكتشف مواهبه كرجل أعمال. أدت هذه المواهب في نهاية المطاف إلى إنشاء 14 شركة، بما في ذلك جنرال إلكتريك والتي لا تزال إحدى أكبر الشركات المساهمة العامة في العالم.[9][10]
عمله بالبرقيات
أصبح إديسون عاملا بالبرقيات أو التلغراف بعد أن أنقذ جيمي ماكنزي ابن الثلاث سنوات من قطار جامح عندما كان الولد عالقا في سكة حديدية. عندها تعرّف إلى والد جيمي الذي يعمل وكيلا لمحطة (J.U. MacKenzie) في ماونت كليمنز بولاية ميشيغان. عبّر والد جيمي عن امتنانه لإديسون فقام بتدريبه كمشغل للتلغراف. كانت مهمة إديسون الأولى بعيدا عن بورت هورون إرسال برقية في تقاطع ستراتفورد، أونتاريو.[11]
في عام 1866 حين كان يبلغ 19 عاما، انتقل إديسون إلى لويفيل بولاية كنتاكي. خلال عمله كموظف في ويسترن يونيون، عمل أيضا بمكتب وكالة الأنباء أسوشيتد برس. طلب إديسون المناوبة الليلية، مما أتاحت له متسعا من الوقت لممارسة إثنين من هواياته المفضلة وهما القراءة والتجريب، إلا أن تسليته تلك كلفته وظيفته في نهاية المطاف. في إحدى ليالي سنة 1867، كان يعبث ببطارية رصاص حمضية عندها وقع حمض الكبريتيك على الأرض. تسرب الحمض بين ألواح الأرضية أسفل مكتب رئيسه. طُرِد إديسون من عمله في الصباح التالي.[12]
كان أحد الموجهين لإديسون خلال السنوات الأولى لعمله بالبرقيات زميله والمخترع فرانكلين ليونارد بوب الذي كان يسمح للشباب الفقراء العيش والعمل في قبو منزله في اليزابيث، ولاية نيو جيرسي. كان أحد أول اختراعات إديسون يتعلق بالتلغراف، ونال أول براءة اختراع عن مسجل صوت كهربائي، (براءة الاختراع الأمريكية رقم 90646)[13] بتاريخ 1 يونيو 1869.[14]
زوجتة واولاده
في 25 ديسمبر 1871، تزوج إديسون من ماري ستيلويل البالغة من العمر 16 عاما آنذاك (1855-1884) والتي التقى بها قبل شهرين حيث كانت موظفة في أحد محلاته التجارية، وأنجبا ثلاثة أطفال:
ماريون إستل إديسون (1873-1965): الملقبة بـ"دوت".[15]
توماس ألفا إديسون الابن (1876-1935): الملقب بـ"داش".[16]
ويليام ليزلي إديسون (1878-1937): وهو مخترع تخرج من مدرسة شيفيلد العلمية في جامعة ييل، 1900.[17]
توفيت ماري إديسون عن عمر يناهز 29 عاما في 9 أغسطس 1884 لأسباب مجهولة: ربما جراء ورم في المخ[18] أو جرعة زائدة من المورفين. كثيرا ما كان يصف الأطباء المورفين للنساء في تلك السنين لكثير من الأسباب، ويعتقد الباحثون أن بعض الأعراض التي تعرضت لها بدت كما لو كانت مرتبطة بالتسمم من المورفين.[19]
في 24 فبراير 1886، في سن التاسعة والثلاثين تزوج إديسون للمرة الثانية وكانت زوجته تدعى مينا ميلر البالغة من العمر 20 عاما (1866-1947) بمدينة أكرون بولاية أوهايو.[20] وكانت ابنة لويس ميلر المخترع والمؤسس المشارك لمعهد (Chautauqua Institution) والمتبرع للجمعيات الخيرية الميثودية، وأنجبا أيضا ثلاثة أطفال:
مادلين إديسون (1888-1979): تزوجت من جون آير سلون.[21][22]
تشارلز إديسون (1890-1969): تولى الشركة بعد وفاة والده وانتُخِب في وقت لاحق كحاكم لولاية نيو جيرسي.[23] ثم أصبح أيضا المسؤول عن مختبرات والده التجريبية في ويست أورنج.
تيودور إديسون (1898-1992): (MIT الفيزياء 1923)، له أكثر من 80 براءة اختراع.[24][25]
عاشت مينا أكثر من توماس أديسون، وتوفيت في 24 أغسطس 1947.
بداية مسيرته المهنية
بدأ توماس إديسون مسيرته في نيوآرك بولاية نيو جيرسي حيث اخترع المُكَرِّر الآلي وغيره من الأجهزة التلغرافية المتطورة، ولكن الاختراع الذي أكسبه الشهرة لأول مرة كان في سنة 1877 حيث اخترع الفونوغراف. وكان هذا الإنجاز غير متوقع على الإطلاق حتى من قبل عامة الجمهور لاعتباره سحريا. أصبح إديسون يُعرف باسم "ساحر مينلو بارك" في نيو جيرسي.
سجل الفونوغراف الأول على اسطوانة من القصدير، ولكنه كان ذو جودة صوت سيئة ويمكنه القيام بالتسجيلات لمرات قليلة فقط. فيما بعد تمت إعادة تصميم النموذج باستخدام اسطوانات الكرتون المغلفة بالشمع بواسطة ألكسندر غراهام بيل، وتشيتشيستر بيل، وتشارلز سومنر تاينر. وكان ذلك أحد الأسباب التي شجعت توماس إديسون على الاستمرار بالعمل على "الفونوغراف الكامل".